كيف يعزز توطين ألعاب الفيديو من تفاعل اللاعبين
كمطورين وناشرين للألعاب الإلكترونية، نفترض أنكم تدركون أهمية توفير تجربة غامرة؛ تجربة تجعل اللاعبين يشعرون بتواصل عميق مع الشخصيات التي يلتقون بها، والقصة التي يتابعونها، والعالم الذي يتفاعلون معه. اللاعبون لا يفكرون وينجزون مهام اللعبة فحسب، بل ينخرطون أيضاً عاطفياً مع ألعابهم وشخصياتهم المفضلة. تماماً كما قد يتأثر شخص ما بمشهد مؤثر في رواية أو يُلهم ببطل في أحدث فيلم أكشن، ينغمس اللاعب في حياة الشخصيات التي يتحكم بها، حتى لو كانت تلك الشخصيات توجد في عالم افتراضي وخيالي. إن خلق هذا النوع من الاتصال العاطفي هو ما يحول اللعبة من مجرد تسلية إلى تجربة ذات معنى ومتميزة في حياة اللاعب. إن هذه القدرة على التواصل العميق مع اللعبة هي السبب في أن التركيز على الغمر يُعد استثماراً ثميناً للمطورين والناشرين.
تتعزز تجربة اللاعب بشكل كبير عندما تعكس الشخصيات أو السرد في اللعبة عناصر من ثقافة اللاعب وتقاليده ولغته. يُعرف هذا بـ "توطين" اللعبة: وهو عملية تكييف اللعبة لتناسب الديناميكيات اللغوية والثقافية والاجتماعية لمنطقة معينة.
الألعاب الإلكترونية الموطّنة جيداً، والتي تُترجم بالكامل إلى لغة اللاعب الأم وتُعدل حسب الحاجة لتناسب ثقافته، تتيح للاعب الاتصال والتفاعل بشكل أعمق مع المحتوى؛ مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة الولاء للعبة واحتفاظها بمركزها في السوق، فضلاً عن رفع فرصتها في أن يقوم اللاعبون بالتوصية بها بشكل مستمر في ذلك السوق. فعندما تحترم اللعبة القيم الثقافية، وتمتلك حوارات بديهية وتعليمات واضحة، ومصممة بحيث يكون لدى اللاعب أعلى فرصة لفهمها والنجاح في مراحلها، فإن تجربة اللعب، سواء في الوضع القصصي أو الأونلاين، ستكون أكثر متعة وسلاسة. إن توطين الألعاب الإلكترونية ليس مجرد تحسين - بل هو عنصر أساسي في نجاح اللعبة وأدائها في الأسواق العالمية.
دور التوطين في تعزيز تفاعل اللاعبين
لتعزيز تفاعل اللاعبين من خلال توطين الألعاب الإلكترونية، يجب التركيز على ثلاثة عوامل رئيسية: الترجمة، وواجهة المستخدم، وتكييف القصة والشخصيات. ترجمة المحتوى المكتوب عملية ضرورية يتم خلالها ترجمة اللعبة لتعكس الأنماط اللغوية والقيم الثقافية والأعراف الاجتماعية للجمهور المستهدف. وتعديل واجهة المستخدم لتناسب لغة اللاعب يضمن تجربة لعب سلسة وطبيعية. وأما تكييف القصة والشخصيات فيشمل موائمتها مع القيم الثقافية للجمهور المستهدف، مما يزيد بشكل كبير من فرصة تواصل اللاعب مع اللعبة. كل هذه الجوانب مجتمعة، تشكل توطيناً مثالياً وهي أساسية لإنشاء لعبة ستنجح في السوق المستهدف.
التكيف اللغوي والثقافي
قد تكون قد قررت بالفعل التعاون مع وكالة لترجمة ألعاب الفيديو، لكن تغيير لغة اللعبة من الإنجليزية إلى الفرنسية أو من اليابانية إلى الإسبانية هو مجرد البداية - وبالتأكيد هي البداية الصحيحة. ومع ذلك، غالباً ما تكون التعديلات الثقافية ضرورية لعملية توطين ناجحة، وتتضمن غوصاً عميقاً في تعقيدات الثقافة في السوق المستهدف.
على سبيل المثال، في أغلب ثقافات شرق الأوسط، يكون تصوير استهلاك الكحول في اللعبة حساساً بسبب الجانب الديني وربما الثقافي، وكذلك التربوي بسبب متابعة الوالدين لأبنائهم وما يشاهدونه أو ما يتفاعلون معه. لذلك، استبعاد مثل تلك الأمثلة من اللعبة يضمن احتراماً أكبر تجاه اللاعبين من تلك الثقافات والديانات، الذين يمثلون جمهوراً كبيراً يصل إلى مئات الملايين من اللاعبين.
واجهة وتجربة المستخدم
يمكن تعريف واجهة المستخدم (UI) على أنها مجموعة التفاعلات بين الإنسان والحاسوب—وبشكل خاص، كيفية تفاعل الشخص مع موقع إلكتروني أو برنامج، مثل لعبة فيديو. وهذا يشمل عناصر مثل الخطوط، الأيقونات، الأزرار، الرسوم المتحركة، وحتى الأصوات. باختصار، تدور واجهة المستخدم حول خلق منتج جذاب بصرياً، سهل الاستخدام، ومفهوم. وهنا يتفق الجميع على المبدأ القائل بأن "واجهة المستخدم الجيدة والتجربة الممتازة تجعلان اللاعبين يعودون إلى اللعبة مراراً وتكراراً"،
وفي الجانب الآخر من واجهة المستخدم، هناك أيضاً تجربة المستخدم (UX)، التي تركز على تجربة اللاعب الكلية مع اللعبة أو التطبيق. على سبيل المثال، يبدأ مهندس تجربة المستخدم بالنظر في الاحتياجات، الدوافع، وطموحات اللاعب؛ من هناك، سيعمل على تصميم منتج سهل الاستخدام، سلس، وواضح بحيث يشعر اللاعب بالرضا والراحة أثناء اللاعب.
خذ لعبة "بوكيمون جو" كمثال. ركزت اللعبة على الإدخالات القائمة على اللمس، مما سمح للاعبين بتجربة اللعبة والاستمتاع بها أثناء التنقل. إن الاهتمام الفائق بتجربة المستخدم (UX) جعلت اللعبة جذابة بصرياً وسهلة الاستخدام، مما جعل اللاعبين يشعرون وكأنهم قد دخلوا إلى عالم بوكيمون بأنفسهم.
تكييف القصة والشخصيات
العنصر الثالث من عناصر توطين الألعاب الإلكترونية المذكورة في هذا المقال والذي نود مناقشته هو تكييف القصة والشخصيات. كما نوقش سابقاً، تتعزز تجارب اللاعبين عندما يمكنهم الارتباط بشكل أعمق مع الشخصيات، كما لو كانوا يعرفونهم كأفراد من بلدانهم أو على مستوى شخصي. يصبح هذا أسهل عندما يمكن فهم خلفيات الشخصيات والقصة ضمن إطار ثقافات اللاعبين. العمل مع شركة ترجمة وتوطين ألعاب الفيديو مثل شركة أرا لينجوال (Aralingual) يمنحك الفرصة للاستفادة من المحترفين الذين يكيفون القصص والشخصيات لتناسب تفضيلات اللاعبين وخلفياتهم الثقافية، مما يؤدي إلى سرد قصصي سيكون له صدى مع الجمهور المستهدف.
ومع ذلك، هذا النوع من التكييف ليس ضرورياً لكل لعبة فيديو. بل إن أكثر ألعاب الفيديو لا تتطلب ذلك. على سبيل المثال، الألعاب التي تتمحور حول الساموراي عموماً لا تستدعي أي تغييرات جذرية لأنه من المفهوم جيداً أن الساموراي مشتق من الثقافة اليابانية التاريخية وأي تغيير للسياق قد يؤثر سلباً على نجاح اللعبة. ولعلمك أيها القراء، أنا أحب ساموراي جاك كثيراً!
تأثير التوطين على الاحتفاظ باللاعبين
عندما يتماشى حوار اللعبة والتعليمات والسرد مع خلفيات اللاعبين الثقافية أو على الأقل لغتهم الأم، يصبح من الأسهل لهم الانغماس التام في اللعبة. يساعد توطين ألعاب الفيديو في القضاء على التحديات التي قد تنشأ من التعليمات غير المفهومة والنكات التي لا تثير الضحك أو سوء الفهم في الحوار بين شخصية اللاعب والشخصيات الرئيسية أو الثانوية داخل اللعبة. يجب أيضاً الانتباه إلى التفاصيل وتحديد مدى أهميتها وتأثيرها في التوطين؛ فبعض التفاصيل التي قد تحتاج إلى تعديل (وليس بالضرورة) تشمل أسماء العملات والتواريخ وتنسيقات الوقت وأساليب التحية والمصطلحات اللغوية التي لا يمكن ترجمتها ترجمةً حرفية مثل عبارة (I have bones to pick with you) والتي لا يمكن ترجمتها لـ (لدي عظام لألتقطها معك)، فالمعنى مختلف تماماً ولا علاقة له بالعظام.
إن توطين ألعاب الفيديو ليس مجرد وسيلة لتعزيز تجربة اللعب فحسب، بل هو أيضاً طريقة فعالة لبناء مجتمع قوي حول اللعبة. فعندما يصادف اللاعبون محتوى مألوفاً لخلفيتهم الثقافية أو مفهوماً لديهم، يشعرون بالارتباط والتواصل مع اللعبة وقصتها وشخصياتها. ويمتد الشعور بالارتباط ليتحول لانتماء إلى مجتمع اللعبة، سواء من خلال المنتديات الإلكترونية والتفاعلات داخل اللعبة كما يحدث في الألعاب الأونلاين أو حتى النقاشات اليومية بين اللاعبين في المدرسة والجامعة أو أماكن أخرى يتجمع فيها اللاعبون.
نتيجة لذلك، يصبح اللاعبون أكثر استثماراً في اللعبة، مما يزيد من احتمالية استمرارهم في اللعب، ويشجعهم على توصية الآخرين باللعبة، ويعمق اتصالهم بالعلامة التجارية والمجتمع المبني حول اللعبة.
إن أهمية بناء مجتمع قوي حول منتج معين ومنها الألعاب الإلكترونية ليست جديدة في عالم التسويق، حيث يرى العديد من المسوقين هذا النهج كأحد العوامل الرئيسية لنمو العلامة التجارية. ويدعم ذلك حقيقة أن أكثر من 67% من المسوقين يعتبرون بناء مجتمع قوي حول العلامة التجارية أمراً حاسماً لخلق الولاء العاطفي. ويمكن أن يؤدي هذا الولاء العاطفي إلى نجاح مالي وثقافي كبير، كما هو الحال مع منتجات أبل على الرغم من تكلفتها العالية، أو ألعاب مثل "ذا ويتشر 3: وايلد هانت" التي يعود إليها الملايين من اللاعبين باستمرار للعب اللعبة من البداية، والذين بدورهم يُشجعون اللاعبون الجدد على شرائها بمجرد دخولهم عالم الألعاب الإلكترونية، وكل ذلك بفضل نشاط مجتمع اللعبة المستمر الذي بني على عدة عوامل ومنها توطينهم للعبة.
بناء الولاء العاطفي مع اللاعبين
إن بناء الولاء العاطفي مع اللاعبين يعزز اتصالهم الشخصي باللعبة وشخصياتها، وعملية التوطين والترجمة هي ما يسهل هذا الأمر بشكل كبير. فمن خلال السرد الديناميكي الواضح والمفهوم والقريب من تفكير وثقافة اللاعبين والذي أيضاً يشكل ويحدد العلاقات بين اللاعبين والشخصيات مع تقدم اللعبة، يتمكن اللاعبون من خلال ذلك السرد الشعور بارتباط أكبر باللعبة.
وكمثال مثير للاهتمام على الولاء العاطفي في ألعاب الفيديو هو شعبية الألعاب القائمة على القرارات، المعروفة باسم "ألعاب الفيديو القائمة على الاختيار". في هذه الألعاب، تتصرف الشخصيات وتحقق النتائج بناءً على اختيارات وقرارات اللاعب، مما يضيف عمقاً أكثر لتجربة اللعب. ألعاب مثل (The Walking Dead) و (The Wolf Among Us) و (Cyberpunk 2077) و (Baldur's Gate 3). هي أمثلة شهيرة لهذا النوع. إن ما يجعل هذه الألعاب جذابة بشكل خاص هو أن العناصر التفاعلية بين اللاعبين أنفسهم والشخصيات داخل اللعبة تشجع اللاعبين على الاستمرار أكثر في اللعب، مما يزيد من تعلقهم العاطفي بالشخصيات حيث تؤثر قراراتهم التي يتخذونها أثناء اللعب بشكل مباشر على الأحداث والنتائج.
يتعمق هذا الاتصال عندما تُظهر شخصيات اللعب سلوكيات مشابهة لسلوكيات اللاعبين أنفسهم أو فيها ما يشابه صفه يتسم بها اللاعبين، سواء من خلال أفعالهم أو اللغة المستخدمة التي تتحدث بها شخصية اللعب أو العناصر الثقافية الموجودة في اللعبة وهذه الأجزاء هي عناصر مهمة في عملية الترجمة والتوطين.
كيف يساعد التوطين في بناء الثقة بالعلامة التجارية
إلى جانب الفوائد التي يجلبها التوطين للعلاقة بين اللاعب وشخصيات اللعب، من المهم أيضاً تسليط الضوء على الفوائد التي تجلبها الترجمة والتوطين للعلاقة بين اللاعبين والعلامة التجارية المسؤولة عن بناء اللعبة. يُظهر التوطين الناجح للاعبين تفاني مطوري وناشري ألعاب الفيديو في خلق تجربة إيجابية ومصممة خصيصاً للجمهور. مما يجعل اللاعبون يقدرون الجهود المبذولة في ترجمة النصوص بدقة وتطوير المحتوى ليكون ذا صلة لغوياً أو ثقافياً أو كليهما، وتصميم واجهات وتجارب المستخدم التي تتماشى مع توقعاتهم؛ هذا الاهتمام بالتفاصيل لا يمر مرور الكرام.
عندما يضمن مطوروا وناشروا ألعاب الفيديو أن كل جانب من جوانب اللعبة يبدو أصلياً وكأنه أنشئ من البداية للجمهور المستهدف ومناسباً للغة والثقافة المستهدفة، فإنهم يرسلون رسالة قوية حول القيم التي يحملهونها ويتبنونها وكأنهم يقولون للاعبين "نحن نهتم بكم أيها اللاعبون".
احصل على خدماتنا للترجمة والتوطين اليوم
نأمل أن يكون هذا المقال قد منحكم فهماً أعمق لأهمية الترجمة والتوطين في صناعة الألعاب الإلكترونية وقدرتهما على تعزيز الانغماس والتفاعل والاحتفاظ باللاعبين.
لا تنتظر أكثر لبدء العمل مع شركتنا لترجمة وتوطين الألعاب. قم بزيارة صفحتنا الرئيسية لمعرفة المزيد عن خدماتنا وكيف يمكننا مساعدتك في جذب المزيد من اللاعبين والاحتفاظ بهم.